الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

مصر: هل هي 5 سنوات فوضى؟

 مصر: هل هي 5 سنوات
اسمه الفراغ السياسي، فيه تظهر كل القوى الخيرة والسيئة تبحث لنفسها عن مكان. بعد الهيمنة التامة من نظام مبارك السابق، صار هناك فراغ شبه كامل إلا من المجلس العسكري الذي يصارع من أجل إدارة البلاد بصعوبة بالغة. الفراغ وراء الحرب الأهلية طويلا في لبنان، ولا يزال هناك فراغ مكن السوريين والإيرانيين وغيرهم من ملء الفراغات إلى اليوم مع مخلفات الحرب من ميليشيات وأحزاب وقيادات تقاسمت الحكم. الصومال وأفغانستان أسوأ نماذج الفراغ السياسي.

بعد الإطاحة بحسني مبارك في الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي، لم يكن في الساحة شخصية واحدة تتقدم الصفوف مثل غاندي بعد إقصاء البريطانيين من الهند، ولا زعامات في المنفى حتى تعود، مثل بورقيبة بعد الانتفاضة ضد الفرنسيين أو مثل الخميني بعد إسقاط الشاه، ولم يكن هناك زعيم في السجن حتى يتم تحريره ويقود البلاد مثل مانديلا. ولم يظهر بين الثوار المصريين زعيم يتقدم الصفوف مثل عبد الناصر، كان معظمهم زعامات إلكترونية من الـ«فيس بوك» و«تويتر». وفي نفس الوقت، لم يكن هناك نظام بديل يؤطر العمل السياسي، على اعتبار أن إسقاط مبارك كان ثورة على نظامه. أما العسكر، ففضلا عن أنهم عاشوا في الظل طوال ثلاثة عقود حكم مبارك، أيضا عجزوا عن إظهار مهارات قيادية فكانت جل نشاطاتهم ردود فعل للشارع، فلعبوا دور شرطي المرور بين القوى المتزاحمة.


وقد سمعت خبراء في السياسة يقدرون أن ملء الفراغ في الساحة المصرية قد يستغرق خمس سنوات، وأحدهم قال عشرا، وهذه رؤية متطيرة، وأكثرهم تفاؤلا نصح بأن ننتظر ثلاث سنوات. الحقيقة لا أحد يدريها، وما على المصريين إلا أن يدركوا أولا أنهم على حافة هاوية ولا يملك أحد غيرهم قرار مصيرهم. الخريطة السياسية تزداد تعقيدا شهرا بعد شهر، والجدل يتسع، والصراعات تحتد، وهذا يستدعي الجميع إلى الاتفاق على شيء واحد فقط هو الذي يمكن أن ينقذهم من الانحدار، وهو الاتفاق على صيغة الحكم. هذه أهون الخيارات الصعبة. الذهاب إلى الانتخابات واختيار ممثليهم، واختيار رئيس للجمهورية، ثم الاحتكام للمؤسسات الدستورية لفض الخلافات. هذا هو طريق النجاة الوحيد للخروج من حفرة الفراغ السياسي التي بداخلها يزداد النزاع على الحكم.


ماذا عن دور العسكر؟ أعتقد أن كل المؤشرات الماضية تدلل على أنهم لا يسعون لحكم البلاد، لكنهم مسكونون بالخوف من الفوضى والانهيار والتدخلات الخارجية، وهذا من صلب واجبات المؤسسة العسكرية، خاصة في ظل الفراغ الذي نراه في بلد محوري مثل مصر محل اهتمام العالم. علة القيادة العسكرية أنها بلا إبداع سياسي ولا موهبة إدارية، وربما هذه ميزتها أيضا. الحاجة إلى حماية النظام والمجتمع وإيصال الجميع إلى ساعة الانتخاب، مهمة القوات المسلحة وبعدها تعود إلى الوراء. فكل الخلافات الحالية، بما فيها معركة ماسبيرو الأخيرة، تحسم في إطار العمل السياسي المفتوح، ويتم التقاضي فيها أمام المؤسسات الدستورية وليس بالرصاص أو التخوين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة