صلاح بديوي
في ذكري تحرير سيناء ،أهدانا
المجلس الأعلي للقوات المسلحة قرار إلغاء اتفاقية تصدير الغاز ل"إسرائيل"
،وهو قرار أفقد" الإسرائيليون" توازنهم ،ودفع قادتهم إلي دق طبول الحرب
،وأوصل إليهم رسالة لايمكن ان تُخطئها عين ،تلك الرسالة مفادها ان
القاهرة بدأت تستعيد قوتها وعنفوانها وكبرياءها الذي سبق وأن حطمه النظام
البائد في مصر بضعفه وجبنه واستسلامه وتخاذله.
وفي تلك الذكري ،تلقيت دعوي
كريمة من الأخوة في الإدارة العامة للشئون المعنوية بالقوات المسلحة ،من
أجل حضور مؤتمر حول "سيناء في ذكري التحرير"،تحدث فيه ثلاثة من أرفع
الخبراء الذين تولوا من قبل مواقع أمنية وتنفيذية بارزة ،تحدثوا خلال هذا
المؤتمر باستفاضة ومرارة حول إهمال الحكومات المصرية المتعاقبة لسيناء
وتعطيلها عن عمد أهم مشاريع التنمية فيها.
ولم يقل هؤلاء الخبراء أن صانع
القرار المصري طوال حقبة كامب ديفيد - التي توشك علي الزوال بأذن الله -
تعرض لضغوط من قبل التحالف الأمريكي والإسرائيلي لتعطيل مشاريع التنمية
في سيناء ،لكنهم أشاروا إلي جهودهم من أجل إقناع الحكومة مثلا بمد ترعة
السلام يوسط سيناء بدلاً من شمالها،وهي الجهود التي باءت بالفشل وجعلت
الترعة الآن لاقيمة لها علي حد قول الخبراء.
وذلك لكون ان وسط سيناء به
وديان وسهول ومساحات هائلة من الأراضي الصالحة للزراعة والمواد الخام
التي ليس لها مثيلاً في العالم ،ومن شأن توصيل المياه إلي وسط سيناء ان
يسد ذلك ثغرة أمنية دخل من خلالها كل الغزاة علي مدار التاريخ إلي مصر.
لكن الحكومات المتعاقبة قاومت بشدة أطروحات العلماء وأصرت علي حفر الترعة
في شمال سيناء بمناطق تروي بالأمطار، وفيها تربة سهل الطينة المالحة
والتي لاتصلح للزراعة ،وهو ما يشكل إهدار للمال العام.
وتطرق الخبراء إلي الفراغ
الحادث في سيناء، والذي ينعكس بشكل سلبي علي الجانب الآخر ،ويجعله يفكر في
العدوان علي مصر ،مؤكدين ان القاهرة رفضت تماما كافة مقترحات ما أسموه
ب"الترانسفير" التي تستهدف جعل سيناء وطناً بديلاً للفلسطينيين ،بل ورفضت
مجرد النقاش فيها.
ومما استمعنا إليه من معلومات
مهمة في هذا المؤتمر ما قاله اللواء أسامة يفوت الخبير الإستراتيجي وعضو
لجنة تسلم العريش من الغزاة حول الدور التاريخي الخالد لأهل سيناء
وبدوها، في دعم قواتهم المسلحة منذ حرب الاستنزاف وحتي الآن ،وأشار ان
البدو الأبطال دعموا جيشنا في الانتصار الكبير علي "إسرائيل" في ستة
أكتوبر من عام 1973م ،مندداً بكل من رماهم باتهامات ليس فيهم وشكك في
وطنية أيا منهم.
وقال المذكور ان البدو ايضا ً
شكلوا أكبر مُساند لوحدات الاستطلاع المصرية ،والتي تم إلقاءها خلف خطوط
العدو ،وأنه لم تثبت علي أيا منهم ولو تهمة خيانة واحدة بل كانوا يتسابقون
في فداء وطنهم وجيشهم ،ويوم يكشف النقاب عن بطولاتهم وخصوصا عبر منظمة
سيناء العربية سيعرف كل مصري ما قدمه بدو سيناء لبلدهم وأهلهم.
وقال اللواء عبدالمنعم سعيد
رداً علي سؤال ل"محيط"حول رأيه فيما يتردد بأنه ليس هناك قوات مصرية في
سيناء قال :"أن حجم القوات الموجودة هناك أكثر عشرة أضعاف قبل حرب 67.
وهذا العدد يكفي لتأمين سيناء ضد أي عدوان ، وقال ان كلامه لا يعني أن هذه
القوة تكفي في أي حرب ،ولكن في حالة نشوب معركة فان لدينا باقي قواتنا".
وأهاب اللواء عبدالمنعم سعيد
بنا – كصحفيين - أن نلح علي الحكومة المصرية أن تسرع بمشروع أعمار سيناء
وتشكيل الجهاز المعني بهذا الأعمار في أقرب وقت ممكن ،مشيرا إلي انه بعد
الثورة ارتفعت أصوات بضرورة تعمير سيناء وتوحيد اختصاصات التعمير في جهاز
واحد ، إلا أن تلك الأصوات انخفضت مرة أخري وصمت الجميع انتظارا لتولي
سلطة منتخبة الحكم.
ومن خلال المناقشات التي جرت
،تم التعرض لمحاور تنمية أخري في سيناء بخلاف الوسط منها الاستفادة بقناة
السويس كممر ملاحي دولي في خدمة السفن وحركة التجارة الدولية ،وتنمية
المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة وزرعها بالبشر والفري والمدن مع منطقة
الوسط ،وفي ذات السياق تم طرح شق قناة علي امتداد حدودنا مع فلسطين
المحتلة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عبر خليج العقبة ،وقال
الخبراء أن القناة المشار اليها ستمول نفسها ،من خلال المواد الخام
والأحجار الكريمة الموجودة في طريقها.إلي جانب محوري ساحل شمال سيناء
وجنوبها ، ومشاريع الطرق والمزارات الدينية.
وبينما كانت فعاليات الندوة
تتواصل قالت وكالات الإنباء ان حالة من القلق سيطرت على جميع الصحف
الإسرائيلية الصادرة صباح أمس الثلاثاء، بسبب التصريحات التي أدلى بها
السيد المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلي للقوات المسلحة أمس،
بخصوص حماية الحدود المصرية، وقوله إن مصر ستكسر قدم كل من يقترب منها.
وتساءلت صحيفة معا ريف في
افتتاحيتها السياسية أمس الثلاثاء عن الجهة أو الدولة التي يقصدها
طنطاوي عند الحديث عن حماية حدود مصر، مشيرة إلى أن العلاقات المصرية مع
الدول المجاورة سواء ليبيا أو السودان طيبة، وبالتالي فإن طنطاوي يقصد
"إسرائيل" ويريد أن يبعث برسالة تحذير إلى" إسرائيل" تتزامن مع الأزمة
المثارة حيال تصدير الغاز.
أشارت الصحيفة إلى أن أقوال
طنطاوي جاءت بالتأكيد ردًا على تصريحات وزير الخارجية افيجدور ليبرمان
للصحيفة، وهي التصريحات التي قالها فيها الأخير إن مصر تشكل تهديدًا أكبر
من إيران.
اللافت أن الصحيفة نشرت عرضًا
كاملًا للتدريبات العسكرية التي قام بها الجيش أمس، موضحة أنها أثبتت قوة
الجيش المصري، والأهم من هذا أن طنطاوي والقائمين على إدارة الجيش يرغبون
في إبعاده تمامًا عن الجاذبات السياسية الواقعة حاليًا، الأمر الذي اتضح
تمامًا مع تعهد طنطاوي بتسليم السطة إلى الرئيس الجديد المنتخب من الشعب.
أذن كما ذكرنا أمس فأن جيشنا
العظيم وقائده بعثوا برسالة قوية للكيان الصهيوني مفادها أن كل أرجل أو
أيدي معادية يمكن ان تدنس تراب سيناء، فأن قواتنا المسلحة قادرة علي قطعها
،وهي رسالة لم تكن للوزير ليبرمان فحسب ،وإنما لأعضاء في الكنيست اعتقدوا
ان مصر جمهورية موز أو ان التاريخ سيعيد نفسه ،وانه من الممكن ان يعربدوا
مرة أخري داخل حدودنا ،وان يمارسوا علينا كدولة دور البلطجي الذي مارسوه
علي نظام مبارك ما لم نخضع لنزوات تل أبيب وشرورها ،وهذا زمنه ولي ولن
يعود وان كارثة 67 من القرن الماضي لن تتكرر مرة أخري .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق