صلاح بديوي
فوجئ الرأي العام في مصر بقرار لجنة الانتخابات الرئاسية أمس الأول
بالسماح للفريق أحمد شفيق بخوض انتخابات الرئاسة ،وإحالتها للتعديلات
الأخيرة علي قانون مباشرة الحياة السياسية - العزل – إلي المحكمة
الدستورية ،وذلك في استجابة سريعة وفورية منها لطعن تقدم به الفريق أحمد
شفيق للجنة علي قرار استبعاده.
والفريق أحمد شفيق أخر رئيس وزراء في عهد مبارك ،وصديق شخصي
للرئيس المخلوع ،ومن ابرز الذين كان يثق بهم ،ولديه تنظيم من العناصر
الموالية لحكم مبارك والتي تخطط لإيصاله إلي الموقع الرئاسي توطئة
للانقضاض علي ثورة 25يناير المجيدة وتفريغها من مضمونها ،وإعادة إنتاج هذا
النظام الفاسد مرة أخري،ووفق معلومات تسربت ألينا من خلال جلسات شفيق
الخاصة مع الفلول ،فأنهم يرون في فوزه إعلان من قبل الشعب المصري بفشل
الثورة ورفضها والحنين لمبارك ولنظامه
والفريق أحمد شفيق أيضاً لم يكن في يوم من الأيام علي خلاف
مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ،وثابت عليه ارتكابه سلسة من
التجاوزات خلال تواجده علي رأس وزارة الطيران المدني،ولأجل ذلك تقدمت
عناصر بتلك الوزارة ببلاغات عديدة للنائب العام مرفق بها وثائق ضد الوزير
أحمد شفيق ،وطالبت بالتحقيق في تلك المخالفات ،لكن للأسف النائب العام
لايزال لم يبت في تلك البلاغات حني الآن.
وأننا نشعر بالدهشة لأن الأخوة في المجلس الاعلي للقوات
المسلحة يتركون الفريق احمد شفيق يخوض الانتخابات في بلد ثار علي نظام
حكم هو جزء منه،وبدون أية مبررات منطقية ،وهُم علي قناعة تامة بأن الفريق
أحمد شفيق نسخة من الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وامتداد لنظامه الساقط
والفاشل والملعون ، ويصرون علي دفعه ليخوض تلك الانتخابات ،بل وصل الأمر
أن لجنة الانتخابات الرئاسية التي استبعدته فور صدور ما أصطلح علي تسميته
إعلامياً بقانون العزل أعادته مرة أخري واعتبرت نفسها هيئة قضائية وأحالت
هذا القانون إلي المحكمة الدستورية ،وهي تعي تماما أنها بفعلتها تلك تخرج
علي نصوص القانون والدستور .
ولأجل مواجهة هذا الخروج علي نصوص القانون الذي قاده
المستشار رئيس لجنة الانتخابات ،تقدم المحامي عصام سلطان - النائب بمجلس
الشعب - بمذكرة إلى المستشار نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا ضد
المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بسبب قبوله
أوراق تظلم الفريق احمد شفيق رئيس وزراء مصر السابق الذي ينطبق عليه
الحرمان الوارد بقانون العزل السياسي ، دون أن ينتظر رد المحكمة الدستورية
.
وأضاف سلطان على صفحته الرسمية فوق "الفيس بوك" أن رئيس
اللجنة العليا لم يلتزم بمقتضى المادة 29 من قانون المحكمة، والتي أوجبت
على المحاكم أو اللجان ذات الاختصاص القضائي المتشككة في نصٍ قانوني أن
تحيل النص إلى الدستورية ثم تتوقف عن نظر الدعوى لحين رد المحكمة
الدستورية بحكمٍ فاصل في دستورية النص من عدمه.
وطالبت المذكرة نائب رئيس المحكمة الدستورية برد أوراق
"شفيق" إلي رئيس اللجنة العليا للانتخابات في أسرع وقت، مشيرا إلى أنه سبق
رد الأوراق إلى المجلس العسكري ،مطالبا بوضع المحكمة الدستورية في مكانتها
المرموقة. ووصف سلطان مسلك رئيس اللجنة بأنه جاء مهيناً للدستور والقانون
وللمحكمة الدستورية العليا ذاتها.
لذا فأننا لابد ان نأخذ مأخذ الجد ما تثيره الأصوات التي تري
أن انتخابات رئيس الجمهورية تتعرض لعمليات تزوير بدأت ملامحها تلوح في
الأفق مع بدء خروج لجنة الانتخابات عن جوهر القانون والدستور ،وما أعلنته
اللجنة أمس بأن الانتخابات ستستمر حني تفصل المحكمة الدستورية في مدي
دستورية قانون العزل،هو كلام فارغ وتلاعب بالقانون ،لابد ان تتصدي له
المحكمة الدستورية فوراً ،لكون ان هذا يعني ان رئيس الدولة المنتخب
الجديد سيظل في موقعه حني تنتهي تلك المحكمة من الفصل في الطعن،علي افتراض
ان الانتخابات يخططون لتزويرها لصالح الفريق أحمد شفيق،وهذا لن تسمح به
القوي الثورية ولو علي جثثها،حيث أعلنت ذلك أكثر من مرة ،وعلي المجلس
العسكري أن يمارس دوره في تأمين تلك الانتخابات ومنع الفلول من تزويرها
والذي ستكون نتائجه كارثية علي مصر وعلي كل من سيساهم في هذا التزوير .
وطالما رفضن الثوار مبدأ ترشح الفلول للرئاسة وحسم هذا
الخيار تحديداً عقب خروج اللواء عمر سليمان من المنافسة ،فأن المؤسسة
العسكرية التي أعلنت أنها تقف علي مسافات متساوية من كل المرشحين ،كان
عليها إما أن تقنع الفريق شفيق بالانسحاب بإرادته من الانتخابات الرئاسية
،أو أن ترشح شخصاً مناسباً لهذا الموقع ،أو تختار وجه يتمتع بنوع من
الرضاء الشعبي ويتصف بالنزاهة والنظافة ولم يتورط مع نظام مبارك في أية
عمليات فساد وإفساد للحياة السياسية،لكي يخوض الانتخابات في ظل مناخ مفعم
بالشفافية والنزاهة .
أن الوضع في مصر الآن جد خطير ،فالقوي السياسية والثورية
مستنفرة وترفض تحدي إرادة الثورة والشعب،وهو ما نراه في التظاهرات التي
تتم اليوم في كافة مدن وميادين مصر،في مواجهة إصرار الدوائر المسئولة
علي ترشيح الفلول لموقع الرئاسة ،وتلك القوي الثورية تري في ذلك مؤشرات
تؤكد إمكانية تعرض الانتخابات الرئاسية للتزوير ،ومع علمنا بنوايا الأخوة
في المجلس الاعلي للقوات المسلحة لإجراء انتخابات رئاسية نظيفة ونزيهة
،فان ما تتخذه لجنة الانتخابات الرئاسية من قرارات يثير المزيد من
الشكوك والريبة بنفوس الثوار ونفوس أبناء شعبنا العظيم في نزاهة تلك
الانتخابات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق