التعريف - الأهمية - الأسس - المستلزمات
البحث العلمي
مقدمة:
- يحتل البحث العلمي في الوقت الراهن،مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية حيث تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي ،بما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
- حيث تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطلاب في البحث العلمي عن طريق جمع وتقويم المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم، يبرهن على قدرة الطالب على إتباع الأساليب الصحيحة للبحث وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري التي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية.
تعريف البحث العلمي :
هو عملية فكرية منظمة يقوم بها شخص يسمى (الباحث) ، من أجل تقصي الحقائق في شأن مسألة أو مشكلة معينة تسمى (موضوع البحث) ، بإتباع طريقة علمية منظمة تسمى (منهج البحث) ، بغية الوصول إلى حلول ملائمة للعلاج أو إلى نتائج صالحة للتعميم على المشاكل المماثلة تسمى (نتائج البحث) .
البحث العلمي هو الطريقة الوحيد للمعرفة حول العالم
البحث العلمي هو البحث لفهم حقيقة واقعية بعبارات القوانين والمبادئ العامة.
حدود البحث العلمي :
1. الإصرار - الإلحاح.
2. الإكتشاف - والتقصي.
3. التفسير أو التأويل.
4. القوانين - النظريات .
عوامل تحكم البحث العلمي :
هي عوامل تخدم البحث العلمي سلباَ أو إيجاباَ.وهي:
1. السلطة : الأهل – الحكومة.
2. الديانة : الإخلاص – الصدق – الأخلاق – مبادئ الدين.
3. التقاليد .
4. الحدس أو البديهة .
5. الإبداع .
6. العلم .
لماذا نقوم بالبحث العلمي ؟
1. نحن نبحث كي نفهم.
2. نحن نبحث كي نأتي بالقوانين والنظريات والمبادئ العامة التي تساعد في الفهم والتعامل مع مشاكلنا.
3. نحن نبحث كي نكون دقيقين وجديرين بالثقة .
إن الحاجة الى الدراسات و البحوث و التعلم اليوم أشدّ منها في أي وقت مضى . فالعـــالم في ســباق للوصول الى اكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الرفاهية للانســـــان ، وتضمن له التفوق على غيره . واذا كانت الدول المتقدمـــة تولــي اهتماما كبيرا للبحث العلمي فذلك يــرجع الى انها أدركت أن عظـمة الأمم تكمن في قدرات أبنائها العلمية و الفكريــة و السلوكــية . والبحث العلمي ميدان خصب ودعامة أساســــية لاقتصاد الدول وتطورها وبالــتالي تحقيق رفاهـــــية شعوبها و المحافظة على مكانتها الدولية .
إن البحث العلمي يقوم أساســـاً على طلب المعرفة وتقصّيها والوصول إليها ، فهو في الوقت نفســـــــه يتناول العلـــــــوم في مجموعها ويستند الى أساليب و مناهج في تقصيه لحقائق العلوم والباحث عندما يتقصّى الحقائق و المعلومات إنــــــما يهدف الى إحداث إضافات أو تعديلات في ميادين العلوم مما سيسفر بالتالي عن تطويرها وتقدمها .
أهمية البحث العلمي :
1. تأويل نتائج البحث.
2. التطبيق العملي لنتائج البحث.
3. الخدمة المثبتة في المكتبة.
4. البحث الشخصي.
أهمية البحث العلمي للطالب :
إنّ البحوث القصيرة التي يكتبها الطالب في المدرسة إنما الغايــــة منها تعويد الطالب على التنقيب عن الحـقائق واكتشاف آفاقاً جديدة من المعرفــــة و التعبير عـــن آراءه بحريـــة وصراحــــة . ويمكن تلخيص الأهداف الرئيسـية لكتابة الابحاث الى جانب ما ذكر في :
1. إثراء معلومات الطالب في مواضيع معينة .
2. الاعتماد على النفس في دراسة المشكلات وإصدار أحكام بشأنها.
3. اتباع الأساليب و القواعد العلمية المعتمدة في كتابة البحوث .
4. التعود على استخدام الوثائق و الكتب ومصادر المعلومات والربط بينهما للوصول إلى نتائج جديدة .
5. التعود على معالجة المواضيع بموضوعية ونزاهة ونظام في العمل.
6. التعود على القراءة وتحصين النفس ضد الجهل .
ونظراً لأن البحث العلمي يعد من أهم وأعقد أوجه النشاط الفكري ، فإن الجامعات تبذل جهوداً جبارة في تدريب الطلاب على إتقانه أثناء دراستهم الجامعية لتمكنهم من اكتساب مهارات بحثية تجعلهم قادرين علـــى إضافة معرفة جديدة إلى رصيد الفكر الإنساني،كما تعمل الجامعات على إظـــهار
إن البحث العلمي يثير الوعي ويوجه الأنظار إلى المشكلة المراد دراستها أو معالجتها بحثياً.
مساهمات البحث العلمي :
1. الوصف : يصف الأحداث والتصرفات.
2. التنبؤ : القدرة على التنبؤ بالأحداث والتصرفات المستقبلية المرتكزة على الحوادث السابقة.
3. التقدم والإصلاح : تحسين العلم الطلابي.
4. التفسير : فهم وتفسير القوانين والنظريات والمبادئ العامة التي تحكم العالم الحقيقي.
أسس البحث العلمي :
أولا: الأصالة والابتكار :
إذا أخذ الباحث فكرة باحث آخر وسار عليها وقام بتقليد الخطوات والمراحل فإن ذلك يفقد البحث صفة الاصالة،والأصالة مرتبطة بالإبتكار ،فالابتكار قد يكون في الفكرة أو في أسلوب تحليل البيانات والربط بينها أو في الوصول إلى نتائج جديدة تتميز بإضافة جديدة .
ثانياً: الأمانة العلمية والتوثيق العلمي:
يجب عدم ذكر فكرة لشخص آخر دون الإشارة إليه في متن البحث أو الهامش و إلا أعتبر من سبيل السرقة العلمية.
يجب عدم استخدام أساليب الغير في متن البحث وإسنادها لصاحب البحث و إلا أعتبر سرقة علمية.
ثالثاً: سلامة عنوان البحث:
يشترط في عنوان البحث أن يكون معبرا عن الأهداف والنتائج المتوقعة وأن يكون قويا ومؤثرا ومختصرا فالعنوان الطويل تفقد جاذبيتها وربما يثير الملل.
رابعا: سلامة عرض المشكلة:
إن عرض المشكلة بشكل سليم يعرض وضوحها عند الباحث ، إن عرض المشكلة بشكل سليم معيار حاكم لأنها ستكون بمثابة إطار قوي للرقابة على على جميع مراحل البحث .
خامسا: سلامة صياغة الفرضيات :
إن صياغة الفرضيات بشكل محكم مسألة جوهرية باعتبارها أساس البحث العلمي فكلما قلت الفرضيات كلما أمكن السيطرة عليه وسوء صياغة الفرضيات يعتبر كافيا لرفض البحث.
سادساً: شمول ودقة عرض الدراسات السابقة:
من الأهمية بمكان أن يظهر الباحث سيطرته على الدراسات السابقة المرتبطة ارتباطا وثيقا بالبحث الذي يقوم به فعلى الباحث أن يعرض باختصار هدف كل دراسة من الدراسات السابقة والفرضيات التي تبنتها والأساليب الإحصائية التي استخدمتها والنتائج التي توصلت إليها ويكون تقييم كل ذلك من منظور البحث الذي يقوم به.وغالبا ما يتم عرض الدراسات السابقة من منظور تاريخي على أن يظهر في كل دراسة إسم كاتبها بالكامل ومكان نشرها وتاريخ نشرها بحيث يمكن بسهولة الرجوع إليها.
سابعاً: سلامة حجم العينة والبيانات وعمق التحليل:
يلعب حجم العينة دورا محوريا في سلامة البحث وله أصول وأسس معروفه والإخلال بحجم العينة وكيفية اختيارها ووحدة العينة هو إخلال بالبحث العلمي ونتيجته وغالبا ما يتشكك الناس في نتيجة بحث علمي لم يتم فيه اختيار حجم العينة بشكل سليم .
البيانات هي المادة الخام التي يتم تحليلها ولابد من الاهتمام بمصادر البيانات وبنماذج جمعها .
إن سلامة أساليب التحليل وملاءمتها لاختبار الفرضيات مسألة حاكمة للوثوق في نتيجة البحث .
إن العمق في التحليل أحد المعايير الرئيسية في تقييم البحوث.
ثامنا: سلامة النتائج والتوصيات :
إن وضع نتائج غير مستخلصة من البحث أو مزروعة في البحث زرعا قد تؤدي إلى رفضه. لذلك فإنه لابد أن تكون النتائج التي ترد في نهاية البحث مستمدة منه ومرتبطه ارتباطا مباشرا بفرضيات البحث وأهدافه ومعالجاته. ومن الضروري أن تكون التوصيات مرتبطة بالنتائج ارتباطا مباشرا وان لا تكون عامة ويجب التفكير في متطلبات تطبيقها .
تاسعا: دقة اللغة وإستيفاء الجوانب الشكلية:
من المعايير الحاكمة للبحث العلمي دقة اللغة الجيد دقة اللغة العرببة والتراكيب اللغوية وكذلك دقة اللغة الأجنبية فأي خلل في الغة يؤثر تأثيرا سيئا على المحكمين.
الجوانب الشكلية كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر:
لابد من الترتيب المنطقي للفصول والترتيب المنطقي لمكونات كل فصل فليس من المنطقي أن تذكر أهداف البحث قبل الفرضيات .
لابد من التوازن في حجم الفصول والتوازن في حجم الفقرات بحيث لا تكون هناك فقرة كبيرة جدا وفقرة صغيرة جدا.
لابد من استخدام العنوانين الرئيسية والعناوين الفرعية لتوضيح تدفق الأفكار لابد من وضع ترقيم متتابع للأشكال وآخر للجداول وذكر مصادرها تحت كل منها.
عاشراً: حداثة المراجع وارتباطها بالبحث:
تعتبر حداثة المراجع من المعايير القوية في الحكم على البحث . إن استخدام المراجع القديمة يعتبر من الاشياء المعيبة في البحث العلمي إلا إذا كانت مراجع كلاسيكية أفكارها مازالت صامدة حتى الآن ولابد أن تكون المراجع مرتبطة ارتباطاً مباشراً مع البحث .
مستلزمات البحث العلمي :
نظرا لأهمية البحث العلمي والحاجة الملحة له في المجتمع فلا بد من تامين مستلزماته كافة :
1- إنشاء مركز قومي فلسطيني للبحوث .
2- توفير المال اللازم .
3- تحديد النصاب والتفرغ للمشتغلين بالبحث العلمي .
4- توفير المختبرات والأجهزة .
5- توفير المكتبات والاشتراك بشبكات الاتصال ( الإنترنت ) .
6- نشر البحوث .
7- توفير الأمكنة اللازمة .
8- الاهتمام بالدراسات العليا في الجامعات .
9- تحضير الباحث المناسب
.
واليكم معلومات ...عن نشأة البحث العلمي واصولة...
نشأة البحث العلمي وتطورة
إن نشأة البحث العلمي قديمة قدم الإنسان على سطح الأرض، فمنذ أن خلق الله آدم، ونزوله الأرض، والإنسان يُعمل عقله وفكره ويبحث عن أفضل السبل لممارسة الحياة فوق سطح الأرض، ومن ثم لتحقيق وظيفة الاستخلاف التي خلق اللهُ الإنسانَ من أجلها ..
قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) ( البقرة : 30)
ومنذ ذلك اليوم، والإنسان يمارس المحاولات الدائبة للمعرفة وفهم الكون الذي يعيش فيه..
وظلت البشرية على مدار قرون طويلة تكتسب المعرفة بطريقة تلقائية مباشرة عن طريق استخدام الحواس الأساسية للإنسان .. وبالطبع لم تمارس أي منهج علمي في التوصل إلى الحقائق أو محاولة فهم بعض الظواهر التي تحدث حول الإنسان ..
هذا، ولقد تطور البحث العلمي عبر العصور ببطء شديد واستغرق هذا التطور عدة قرون في التاريخ الإنساني ، ومن الصعب تتبع تاريخ البحث العلمي بالتفصيل في هذه الصفحات القليلة وغاية مايستطاع هو ذكر بعض معالم التطور في مجال البحث العلمي ونشاطاته ..
البحث العلمي في العصور القديمة :
يقصد بالعصور القديمة الفترات التي عاش فيها المصريون القدماء والبابليون واليونان والرومان، فمنذ ذلك التاريخ كان اتجاه التفكير لدى قدماء المصريين اتجاها علميا تطبيقيا حيث برعوا في التخطيط والهندسة والطب والفلك والزراعة (أحمد بدر، أصول البحث العلمي ومناهجه ، ليبيا :الطبعة الثانية,1977م، ص74.) .
كما أسس المصريون القدماء حضارة علمية في الصيدلة والكيمياء يقول عنها المؤرخ جابين "إن المصريين كانوا منجما اغترف منه الاقدمون العقاقير وأوصافها المذكوره في أعمال ديسقوريدس وبليني وغيرهما كان من الواضح انها مأخوذه من المصريين القدماء (عبدالحكيم منتصر، تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدمه، 1980 ،القاهرة, دار المعارف ، ص25.)..
أما بالنسبة لقدماء اليونان فقد كان لهم اهتمام بالبحث العلمي حيث أنهم أعتمدوا على التأمل والنظر العقلي المجرد وقد وضع أرسطو قواعد المنهج القياسي والاستدلالي في التفكير العلمي كما فطن أيضا للاستقراء وكان الطابع التأملي هو الغالب على تفكيره واعتمد اليونان أيضا في بنائهم العلمي على الإكتشافات السابقة التي سجلها المصريون والبابليون ومن أبرز علمائهم البارزين في هذا المجال فيثاغورس في الجغرافيا والرياضيات والفلسفه (600 ق. م) وديمقراطس الذي اقترح نظرية التنافر الذري .. لشرح تركيب المادة (400 ق.م) وثيوفراستوس الذي أسس طريق منهجية في النبات، وأرشميدس عالم الفيزياء (300 ق.م) وسترابو عالم الجغرافيا (20 ق.م) وبطليموس الذي وضع أول نظرية ملائمة عن حركة الكواكب في القرن الثاني الميلادي.
أما التفكير العلمي عند الرومان فقد أزدهر أيضا ويعتبر الرومان ورثة المعرفة اليونانية ويتركز إسهامهم في الممارسة العلمية أكثر من متابعتهم لها وكانوا صناع قوانين ومهندسين أكثر منهم مفكرين متأملين (انظر : أحمد بدر، مرجع سابق ، ص77.).
.
البحث العلمي في العصور الوسيطة:
يقصد بالعصور الوسيطة الفترة الزمنية التي أزدهرت فيها الحضارة الاسلامية وفترة عصر النهضة في أوروبا وتمتد تلك الفترة من حوالي القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميلادي وقد أفاد المسلمون في هذه الفترة من العلوم السابقة للمصريين القدماء والاغريق والرومان واليونان وتعتبر الحضارة الاسلامية حلقة الاتصال بين الحضارات القديمة كحضارات المصريين والإغريق والرومان واليونان وبين من بعدهم في عصر النهضة الحديثة ولم يكتفوا بنقل حضارة من قبلهم فقط بل أضافوا إليها علوما وفنونا تميزت بالأصالة العلمية فالفكر الإسلامي تجاوز الحدود الصورية لمنطق أرسطو أي أن العرب عارضوا المنهج القياسي وخرجوا على حدوده إلى اعتبار الملاحظة والتجربة مصدرا للبحث العلمي (انظر : أحمد بدر، مرجع سابق ، ص77.)..
كما أن العرب قد أتبعوا في إنتاجيتهم العلمية أساليب مبتكرة في البحث فاعتمدوا على الاستقراء والملاحظة والتدريب العلمي والاستعانة بأدوات القياس للوصول إلى النتائج العلمية وقد نبغ الكثير من العلماء المسلمين في مجال البحث العلمي مثل الحسن بن الهيثم وجابر بن حيان والخوارزمي والبيروني وابن سينا وغيرهم وقد شهد على نبوغ العلماء العرب في هذا المجال الكثير من رواد النهضة الأوروبيين مثل (Sarton) العالم الأمريكي الذي قال ان العرب أعظم معلمين في العالم في القرون الوسطى ولو لم تنقل إلينا كنوز الحكمة اليونانية لتوقف سير المدنية لبضعة قرون فالعرب قد أسهموا بإنتاجهم العلمي في تقدم الحضارة وأسهموا باصطناع منهج الاستقراء و اتخذوا الملاحظة والتجربة أساسا للبحث العلمي (انظر : أحمد بدر، مرجع سابق ، ص78.)..
ولقد ساهم الفكر الإسلامي في تأصيل الحضارة الإنسانية تأصيلا سويا وصائبا ووضعها في مسارها الصحيح ونقلها من العشوائية والتخبط إلى المناهج العلمية الصائبة التي تعتمد على أسس وقواعد ومبادئ كما أرسى الفكر الإسلامي قواعد وأساليب التحصيل العلمي لشتى العلوم الإنسانية النظرية والتطبيقية وأرسى قواعد الموضوعية والشكلية في البحث والكتابة والاستقصاء ومن تلك القواعد والأسس التي وضعها العلماء المسلمون:
أ- قواعد منهج البحث العلمي التي يعتمد عليها في نقد مصادر الرواية..
ب- قواعد منهج البحث العلمي التي يستند إليها في التجريح والتعديل..
جـ- قواعد التصنيف للروايات والآثار .
وقد أفاد رواد النهضة الأوروبية مثل روجر بيكون 1214م وليونارد دي فينشي 1452م وغيرهم من العلوم العربية التي خلفوها لهم وأعتمدوا عليها في بناء أسس الحضارة الأوروبية الحديثة.
ويمكن القول باطمئنان أنه لا يوجد شيء من المعارف الإنسانية إلاوللمسلمين فيه بحث أو تطوير أو إضافة أو إحاطة ومعرفة، ولقد استخدم المسلمون فيأبحاثهم العلمية المنطق القديم والمنطق الحديث على حد سواء, فلم يظنوا كما ظن مفكروالعصور الوسطى من الأوربيين أن أرسطو قد وضع النظرية النهائية لقواعد الاستنتاج, ولكنهم اهتدوا إلى أسلوب هام من أساليب التفكير هو ما يطلق عليه الآن اسمالاستقراء، وعرفوا المنهج الرياضي الذي يعتمد على المسلّمات والبديهيات، وعنهم نقلبيكون منهجه العلمي لأنه تتلمذ على علماء المسلمين (انظر: محمود قاسم: المنطق الحديث ومناهج البحث، الطبعة الرابعة، ص22)
عندما حمل المسلمون شعلة الحضارة الفكرية للإنسان؛ ووضعوها في مكانها السليم؛ كان هذا إيذاناً ببدء العصر العلمي القائم على المنهج السليم في البحث؛ فقد تجاوز الفكر العربي الإسلامي الحدود التقليدية للتفكير اليوناني، وأضاف العلماء العرب المسلمون إلى الفكر الإنساني منهج البحث العلمي القائم على الملاحظة والتجريب، بجانب التأمل العقلي ،كما اهتموا بالتحديد الكمي واستعانوا بالأدوات العلمية في القياس . وفي العصور الوسطى بينما كانت أوربا غارقة في ظلام الجهل كان الفكر العربي الإسلامي يفجر – في نقلة تاريخية – كبرى ينابيع المعرفة ..
ثم نقل الغربُ التراثَ الإسلامي ، وأضاف إليه إضافات جديدة حتى اكتملت الصورة وظهرت معالم الأسلوب العلمي السليم، في إطار عام يشمل مناهج البحث المختلفة وطرائقه في مختلف العلوم ، التطبيقية والإنسانية .
فقد تمثل المسلمون المنهجية في بحوثهم ودراساتهم في مختلف جوانب المعرفة.. والمنهجية التي اختطوها لأنفسهم تلتقي كثيرا بمناهج البحث الموضوعي في عصرنا، وشهد بذلك بعض المستشرقين الذين كتبوا مؤلفات يشيدون فيها بما يتمتع به العلماء المسلمون من براعة فائقة في منهج البحث والتأليف، ويبدو ذلك واضحا في كتاب (مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي) للمستشرق "فرانتر روزنتال"
هذا، و الدراسات المقارنة للمنهج العلمي الحديث أثبتت أن المنهج العلمي الحديث وأسلوب التفكير المنطقي قد توفر لدى علماء المسلمين في دراساتهم وبحوثهم واكتشافاتهم في مجال الفلك والطب والكيمياء والصيدلة وبقية فروع العلم التطبيقي ..
وهكذا، على مدى ألف عام مضت، حقق العرب قفزات كبيرة في كافة مجالات العلوم. وأصبحت بغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة مراكز للإشعاع الحضاري بينما كانت الحال في أوروبا على عكس ذلك حيث كانت أوروبا تعيش عصرها المظلم.
لقد أفاد العرب من علوم الإغريقوالرومان وحضارة آسيا وحققوا تقدماً هائلاً ـ كما تقدم ـ في الرياضيات والميكانيكا والطبوالكيمياء والعلوم التطبيقية إضافة إلى البحث والتقنية النظريين.
بين القرنين الثامن والثالث عشر تم اكتشاف أهم الاختراعات العلمية وتم إرساء أسس الحضارة الحديثة. وقد قدم العالم الإسلامي العلماء والاكتشافات العلمية بأعداد كبيرة، كما قدم الكثير من الإبداعات الفنية و المعمارية الرائعة والمكتبات الضخمة والمستشفيات الكبيرة ومختلف التقنيات والجامعات والصناعات وخرائط العالم وطرق الملاحة باستخدام الأجرام السماوية والكثير من الإسهامات الأخرى. ثم تم نقل هذه المعرفة إلى الأوروبيين عن طريق مراكز الحضارة الإسلامية في إسبانيا قبل نهاية العصور الوسيطة حينما ألحقت الحروب الصليبية بالعالم الإسلامي التدمير والخراب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق